الأحد, 1 يونيو 2025

تغيرات المناخ ومستقبل الغذاء

يوليو 18, 2022

بناءًا على دراسة حديثة من “تريندز للدراسات والبحوث” بعنوان “تغيرات المناخ ومستقبل الغذاء”، يواجه كوكبنا تحديات بيئية كبيرة تتطلب منا استجابة عاجلة. يعد التغير المناخي أحد أخطر التهديدات التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن الغذائي العالمي والتنمية المستدامة. تشير التقارير إلى أن درجات الحرارة العالمية في تزايد مستمر، ومن المتوقع أن ترتفع بحلول عام 2100 بنحو 2.6 إلى 4.8 درجة مئوية، مما يؤدي إلى تغييرات كبيرة في المناخ، بما في ذلك زيادة التغيرات في أنماط هطول الأمطار، وارتفاع مستويات سطح البحر، مما يعرض الأراضي الزراعية للتهديد ويزيد من خطر الفيضانات. هذه التغيرات تؤثر بدورها على إنتاج المحاصيل الزراعية وعلى الأمن الغذائي بشكل عام، خاصة في البلدان النامية التي تعتمد بشكل كبير على الزراعة كمصدر رئيسي للغذاء.

الآثار المترتبة على التغيرات المناخية لا تقتصر على ارتفاع درجات الحرارة فقط، بل تشمل أيضاً تزايد ظواهر الطقس المتطرفة مثل الجفاف والفيضانات والعواصف التي تؤثر سلباً على الإنتاج الزراعي. التغير المناخي يؤدي إلى انخفاض المعروض من المحاصيل الزراعية، مما يرفع أسعار السلع الغذائية بشكل حاد. وفقًا لدراسات أجرتها مؤسسات دولية، من المتوقع أن ترتفع أسعار المحاصيل الأساسية مثل الذرة بنسبة 177%، والقمح بنسبة 120%، والأرز بنسبة 117% بحلول عام 2030، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على قدرة الفئات الفقيرة على الوصول إلى الغذاء. بالإضافة إلى ذلك، تشير الدراسات إلى انخفاض حاد في إنتاج الأسماك في المناطق المدارية بنسبة قد تصل إلى 60% نتيجة لهذه التغيرات.

الأمن الغذائي يعتمد على أربع ركائز أساسية هي التوافر، الوصول، الاستخدام، والاستقرار. وتؤثر التغيرات المناخية بشكل مباشر على جميع هذه الركائز. ففيما يتعلق بالتوافر، يؤدي التغير المناخي إلى تقليص قدرة الأنظمة الزراعية على إنتاج الغذاء الكافي. أما بالنسبة للوصول، فإن تقلبات الأسعار وارتفاع تكاليف الإنتاج يجعل من الصعب على الأفراد، خصوصاً في البلدان الفقيرة، الحصول على الغذاء. فيما يتعلق بالاستخدام، قد تتأثر جودة الغذاء، إذ أن التغيرات في درجات الحرارة ومستويات ثاني أكسيد الكربون يمكن أن تؤدي إلى انخفاض محتوى المحاصيل من العناصر الغذائية مثل البروتين والزنك. وأخيراً، فيما يتعلق بالاستقرار، تؤدي التغيرات المناخية إلى عدم استقرار في الإمدادات الغذائية بسبب زيادة الظواهر المناخية المتطرفة التي تهدد المحاصيل الزراعية.

من أجل مواجهة هذه التحديات، أصبح من الضروري تعزيز البحث العلمي في مجال الزراعة وتكنولوجيا المناخ. عبر استثمارات إضافية في البحث الزراعي، يمكن تطوير محاصيل مقاومة للظروف المناخية القاسية وتحسين طرق الري والتسميد. كذلك، فإن استخدام التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في التنبؤ بالتغيرات المناخية وتقديم حلول عملية للمزارعين. على سبيل المثال، يمكن تطوير أصناف جديدة من المحاصيل التي تتحمل الجفاف والملوحة وتقلل من استهلاك المياه، مثل ما تم تحقيقه في مصر مع أصناف الأرز المقاومة للجفاف. وفي دول مثل زامبيا، تم استخدام تقنيات الأرصاد الجوية المتقدمة لتوفير معلومات مناخية مهمة للمزارعين، مما ساعدهم على اتخاذ قرارات زراعية أكثر استدامة.

لذا يظل من الضروري تكثيف الجهود على المستويين الوطني والدولي لمواجهة آثار التغير المناخي على الأمن الغذائي. يتطلب ذلك تطوير استراتيجيات شاملة ومتنوعة تعتمد على البحث العلمي والتكنولوجيا، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الدولي لضمان توافر الغذاء للجميع وحماية النظم الزراعية من التغيرات المناخية المتسارعة.