الأحد, 1 يونيو 2025

الهيدروجين الأخضر بين الواقع والتحديات

مايو 15, 2022

صدر عن مركز “تريندز” للبحوث والاستشارات دراسة بحثية جديدة بعنوان “الهيدروجين الأخضر بين الواقع والتحديات”، حيث تسلط الدراسة الضوء على التحديات التي تواجه الهيدروجين الأخضر كحل مستدام لمواجهة التغيرات المناخية وتقليل الانبعاثات الكربونية. مع تزايد الوعي بالآثار البيئية والاقتصادية والصحية الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري، يسعى العالم إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتحقيق هدف الحياد الكربوني أو الوصول إلى نقطة “الصفر كربون”. هذه الجهود تتطلب إيجاد حلول جديدة للطاقة، خاصة في التطبيقات التي لا يمكن فيها استخدام الكهرباء المنتَجة من مصادر الطاقة المتجددة.

الهيدروجين الأخضر يعد من أبرز الحلول المستقبلية في هذا السياق، حيث لا يتسبب في أي انبعاثات كربونية أثناء استخدامه، وتقتصر نواتج خلايا الوقود المعتمدة عليه على الماء والحرارة فقط. ورغم أن الهيدروجين هو العنصر الكيميائي الأكثر وفرة في الكون، فإنه لا يتواجد في شكله النقي، بل يكون مرتبطًا بعناصر أخرى مثل الأوكسجين لتكوين الماء. وعليه، تتطلب عملية فصل الهيدروجين عن الأوكسجين طاقة كبيرة، وهو ما يعنى أن الطاقة التي تستخدم لاستخراج الهيدروجين تُعطي نوعًا من الطاقة المستهلكة التي يمكن أن تؤدي إلى اختلافات في أنواع الهيدروجين.

الهيدروجين يُنتج بثلاث طرق رئيسية: الرمادي، الأزرق، والأخضر، ويختلف كل نوع في تأثيره على البيئة. الهيدروجين الرمادي يُنتج باستخدام طاقة مستمدة من الوقود الأحفوري، مثل الغاز الطبيعي، وهذه العملية تؤدي إلى انبعاث كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، مما يجعلها أسوأ من استخدام الوقود الأحفوري بشكل مباشر. أما الهيدروجين الأزرق، فهو يشبه الهيدروجين الرمادي في طريقة الإنتاج، لكنه يتضمن جمع وتخزين ثاني أكسيد الكربون الناتج عن العملية. ولكن رغم أن هذه العملية قد تبدو منطقية، إلا أنها لا تحل المشكلة بالكامل، حيث يُلتقط أقل من نصف ثاني أكسيد الكربون، وتستمر الانبعاثات الناتجة عن تسرب غاز الميثان، الذي يعد أكثر قوة في تأثيره على المناخ.

في المقابل، الهيدروجين الأخضر، الذي يعتمد على مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح، لا ينتج أي انبعاثات كربونية أثناء إنتاجه، مما يجعله الخيار الأمثل لتحقيق الأهداف البيئية. إلا أن إنتاجه لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا، حيث يشكل الهيدروجين الأخضر نسبة صغيرة جدًا من إجمالي الإنتاج العالمي، وتكلفته مرتفعة مقارنة بالأنواع الأخرى. علاوة على ذلك، يتطلب إنتاج الهيدروجين الأخضر طاقة أكبر بكثير من الهيدروجين الرمادي أو الأزرق، مما يعنى الحاجة إلى تخزين أكبر ومساحات واسعة لتخزين هذه الطاقة.

واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الهيدروجين الأخضر هي التكلفة العالية للإنتاج، والتي تُعد عائقًا كبيرًا أمام تبني هذه التقنية على نطاق واسع. علاوة على ذلك، يتميز الهيدروجين بكونه منخفض الطاقة، ما يعني أنه يحتاج إلى ثلاث مرات من الحجم لتخزينه مقارنة بالغاز الطبيعي، وهو ما يضيف عبئًا إضافيًا على البنية التحتية لتخزينه ونقله. إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الفاقد الكبير للطاقة في العمليات المختلفة إلى تقليل كفاءة استخدام الهيدروجين كمصدر للطاقة.

رغم هذه التحديات، لا يزال الهيدروجين الأخضر يعد الأمل الأكبر في تحقيق الحياد الكربوني. إن تطوير تقنيات جديدة لتحسين كفاءة الطاقة وزيادة إنتاج الهيدروجين الأخضر بتكاليف أقل يمثل خطوة أساسية نحو جعل هذه التكنولوجيا قابلة للتوسع على المستوى العالمي. ومع استمرار الأبحاث والابتكارات في مجال الطاقة المتجددة، قد نتمكن من تجاوز هذه التحديات وتحقيق الاستفادة القصوى من إمكانيات الهيدروجين الأخضر في المستقبل.